الثلاثاء 17 يونيو 2025 05:09 مـ 20 ذو الحجة 1446هـ
أنا حوا

رئيس التحرير محمد الغيطي

المدير العام منى باروما

يحدث الآن
بقلم آدم وحوا

مروة نايل تكتب: نجوم من بيض.. النشوء والارتقاء للكائن الرقمي

مروة نايل
مروة نايل

من الفرخة إلى الديناصور… ثم الحفرية الرقمية!

في زمنٍ تُقاس فيه القيم بعدد المشاهدات، وتُمنح شرعية الرأي بكمية الإعجابات، صار الإنترنت مسرحًا مفتوحًا تتحول فيه البيضة إلى فرخة، ثم إلى ديناصور، قبل أن تنقرض بهدوء داخل أرشيفٍ رقمي لا يزوره أحد، النجومية الرقمية اليوم لا تحتاج موهبة ولا مضمونًا، فقط لحظة "تريند" واحدة كفيلة بأن تخلق ظاهرة، ثم تُنهيها بضحكة… أو بفضيحة!

فدورة حياة الكائن الرقمي المعاصر، من نشأته المتواضعة إلى تضخّمه المضحك، ثم انقراضه الحتمي. لا حاجة لنظرية داروين هنا… فقط تيك توك، إنستغرام، وبعض الصبر على المشهد.

في البدء كانت البيضة،لا نعلم من سبق الآخر، الفرخة أم المحتوى الرقمي، لكننا متأكدون أن كليهما يفقسان في الخفاء، ويبدآن حياتهما دون أن يلتفت إليهما أحد، في ركن مظلم من الإنترنت، يولد كائن رقمي جديد، شاب يعزف على آلة لا نعرف إن كانت مكسورة أم هو من كسرها بصوته، فتاة ترقص بحماس يُشعرك أن الكهرباء انقطعت عن المدينة بأكملها لكي تغزي الرعاشات التي تشغي تحت جلدها ، أو شخص يشرح طريقة صنع سندويتش فول بطريقة تجعلك تشعر أن الفول تم اكتشافه حديثا وليس أول ما دخل جوف الطفل بعد الفطام عن الرضاعة، الفيديو يُنشر، يتبعه آخر، ثم ثالث، ثم العشرات… لكن لا شيء يتحرك. لا قلب ينبض، لا إعجاب يسطع، ولا تعليق يرمش ، ليؤكد أن هذا الكائن ما يزال بيضة... صامتة، باردة، تنتظر أن تقرر الخوارزمية إن كانت تستحق الحياة.

وفجأة، يحدث ما لا يمكن التنبؤ به، لا نعلم كيف ولا متى ،قد يكون تعثّره في الشارع، ضحكة غريبة، كلمة قالها بالخطأ فظنّ الناس أنها حكمة، ليحدث ما يشبه الطفرة الجينية ، أو بالأحرى الطفرة "التريندية". الفيديو ينفجر، العداد يبرطع ، التعليقات تنهمر ، والخوارزمية تبتسم له أخيرًا، مبروك، لقد فقست البيضة، والفرخة الرقمية خرجت للحياة، مرفرفة بجناحيها الصغيرين ، تصيح بأول "بوست" من نوع "شكراً على الدعم، أنتم سبب النجاح".

ثم تأتي مرحلة النهم، بعد أول تذوق للشهرة، يبدأ التحول إلى كائن لا يعرف التوقف، الكاميرا لا تُغلق. كل لحظة تُوثّق، الروتين الصباحي، الغداء، نوبة الحزن الوجودية على ضياع فردة الشراب ،ثم تعليق عابر على تغير المناخ رغم أن أقصى ما يعرفه عن المناخ المعايرات بين عشاق الصيف وعشاق الشتاء، المحتوى يتكاثر مثل الأرانب، لكنه يفتقر للحم والفرو، كثير لكنه فارغ ،وكما أن كل من اقترب من الضوء أكثر من اللازم احترق، يبدأ هذا النجم الصاعد باستهلاك نفسه.

مع الوقت، الفرخة لا تعود فرخة، إنها ديناصور رقمي ضخم، له صوت عالٍ، حضور خانق، وثقة لا تهتز حتى لو "تهزّأت"، هنا يبدأ استعراض العضلات المعرفية وتدفق ترعة المفهومية من الراس "البلانت" يهبد في الاقتصاد، الفيزياء، الأبراج، وعلم النفس في فيديو واحد لا يتجاوز دقائق ، وكأن كل العلوم يمكن هضمها بين لقطة سيلفي وفيديو رقص ، وبينما الجميع يتلقى النصائح بصدر رحب، أطباء محامون وعلماء، أما هو فقد قرر أنه مرجعية.

فالديناصور لا يحب النقد، يرى نفسه حالة نادرة، تحفة فنية تمشي، من لا يفهمه فهو غبي، ومن يعترض عليه فهو حاقد ومنفسن ، ومن يتجاهله فهو في عداد الموتى رقميًا، رأيه ليس مجرد رأي، بل حقيقة كونية لا تحتمل التشكيك، وحين يسأله أحدهم عن مصدر معلوماته، يجيبه بابتسامة واثقة وكأنه موسوعة وفلتة الزمان الذي لايجود بمثلها

لكن لا شيء يدوم. حتى الديناصورات، رغم ضخامتها، لم تتحمل نيزكًا صغيرًا، ونيزك الشهرة الرقمية أكثر خبثًا… قد يكون تعليق ساخر، فيديو قديم منسي، أو ببساطة ظهور نجم جديد يصرخ أعلى، يرقص أسرع، ويستخدم فلترًا يجعل عينيه تتلألأ ككريستالات الأمل، وفجأة، الديناصور يُمحى، لا جمهور، لا مشاهدات، لا إعلانات، لا دعوات للمؤتمرات والحفلات ، فقط صفحة باهتة، تغريدة يتيمة،وآخر ظهور منذ شهور .

الزمن يمر، والذوق يتغير،وكما في أفلام الرعب الرخيصة، قد يعود الديناصور باسم جديد و صورة جديدة، محتوى أُعيد تسخينه، ومع ذلك، القصة لا تتغير. البداية متواضعة، الصعود سريع، النفخ الذاتي يصل الذروة، ثم النهاية بصمت تام. كل ما يتغير هو لون الفلتر وشكل الموبيل.

فما دام هناك شاشة مضاءة، وسناب مفتوح، وخوارزمية تبحث عن فريسة جديدة، فإن البيضة جاهزة للفقس. ودورة الحياة الرقمية تبدأ من جديد… من الفرخة، إلى الديناصور، ثم إلى الحفرية… فابتسامة سريعة، وسحب للأعلى … ثم اللي بعده !

مروة نايل
#

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,520 شراء 3,543
عيار 22 بيع 3,227 شراء 3,248
عيار 21 بيع 3,080 شراء 3,100
عيار 18 بيع 2,640 شراء 2,657
الاونصة بيع 109,472 شراء 110,183
الجنيه الذهب بيع 24,640 شراء 24,800
الكيلو بيع 3,520,000 شراء 3,542,857
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الثلاثاء 05:09 مـ
20 ذو الحجة 1446 هـ 17 يونيو 2025 م
مصر
الفجر 03:08
الشروق 04:54
الظهر 11:56
العصر 15:31
المغرب 18:58
العشاء 20:32