فاطمة عمر تكتب: زلازل الفجر


كعادتي استيقظت في الخامسة فجراً كي ابدأ يومي الملئ بالتفاصيل العجيبه والتي لا أجد لمعظمها مبرراً منطقياً أو سبباً وجيهاً وحتى أنتهى من إعداد قهوتي تصفحت الأخبار فعرفت أن زلازالاً قد حدث... فاق أهتمامي بتفاصيله عجبي من عدم شعوري به وبحسب درجة قوته أراه يوقظ الموتى ألهذه الدرجه تفوقت عليهم في نومي الذي لم يعد خفيفاً كسابق؟! هل هي الهموم أم هو السن أم الاثنان معاً؟!! حقيقة لا أعرف وأظنها رحمة من ربي أن رحمني من فزع تلك اللحظات.
وجدتني دون قصد أعود سنوات بالعمر أسترجع أياماً ما زالت سبب حلو الحاضر ...ساعات صفو ..ضحكات سعادة حقيقة لا زيفاً وشكلاً عندما كنت في السنة الأولى أو الثانيه في كلية الإعلام ولأن الذاكره أصبحت بعافيه لا استطيع التحديد..وقتها لم يكن للكليه مبنى خاص بها بل كنا مبعثرين بين معهد الإحصاء وكلية الأقتصاد والعلوم السياسيه وكانت دفعتي من نصيب المعهد.
وفي يوم عادي كسابقه كنت وأصدقائي جلوساً على سلم المعهد الذي كادت درجاته الرخاميه تنطق وتحثنا على استبدال قعدة السلم بحضور المحاضرات حرصاً على مستقبلنا وكنا نصف أنفسنا بدفعة السلم.
ووسط ضحكات تعانق السماء ..وأحاديث في كل شئ إلا المذاكره والمناهج شعرنا بأن الأرض تتمرجح من تحتنا وبعض رخام الأعمد يسقط بجوارنا..وتحولت الضحكات الى صرخات وفزع.
كانت هذه هي المرة الأولى التي نعايش زلازلاً تلك الكلمه التي لم نذكرها كثيراً إلا عندما نتحدث عن كوكب اليابان الأستاذ في الزلازل وخلافه من البراكين.
ولأنه جاء على حين غره ولم نحسب حسابه وكعادة كل أزمة مفآجئه كان التوتر هو سيد الموقف والقرار معاً...وبعد أن هدأت الأمور بعض الشئ ولأننا كنا طالبات مغتربات عدنا الى المدينة الجامعيه فوجدنا الوضع أكثر توتراً وارتباكاً وكان القرار هو تعطيل الدراسه وليذهب كل الى حيث أتى وبتنا ليلتنا على السلم أيضاً ولكن هذه المره كان السلم ملاذاً من خوف لا رغبة في بعض من سعاده.
وعدنا الى قُرانا ومُدننا ومع كل تابع أجد الحوائط تتراقص وتتمايل وترتجف معها القلوب وظهر وقتها مصطلح مواكب للحدث الا وهو مساكن الإيواء والتي صارات بعد ذلك مساكن الزلازال.
ولكن الذي مازال عالقاً في ذاكرتي هو أكسم ذلك الشاب الذي بقى تحت الأنقاض بضع أيام وخرج حياً ليصبح أشهر من نجوم السيما ولاعبي الكره فأصبح حديث الصفحات ومبتغى الكاميرات ووصل تأثيره الى أن بعض الآباء والأمهات أطلقوا اسمه على مواليدهم.
زلازل الأمس كان فجراً أما زلازل 92 كان ظهراً وكنت أنا وزملائي في معهد الاحصاء فأين كنت أنت؟.