وفاء أنور تكتب: التربية والمناخ الآمن المستقر


إن كل أسرة سوية تعلم بأنها معنية بتربية أبنائها تربية سليمة، تقوم على أثرها بغرس مجموعة من المباديء والقيم الأخلاقية التي تؤهلهم للعيش في مجتمعهم المحيط بهم، فتبادر بتثبيت قواعدها وأركانها الصحيحة داخل أطر أخلاقية نابعة من قلب سير دينية متعارف عليها، ثم تربطهم بعادات وتقاليد، وبموروثات نابعة من أثر هوية وطنية معلومة ومحددة؛ إن أغلبنا يعلم هذا جيدًا، فقد مررنا به واتفقنا عليه، سعينا لتوفيره من أجل ضمان حياة طبيعية لأبنائنا الذين كان أول حقهم علينا هو إيجاد بيئة أسرية سليمة، ومناخ تربوي آمن ومستقر.
يشب الأبناء مؤمنين بكل ما تم سرده عليهم في طفولتهم، يتمسكون به قدر استطاعتهم، يطبقونه بحذافيره حتى وإن لم يتفق مع ما يدور من حولهم، مدركين بأن ما تم غرسه بأنفسهم كان خيرًا، بل كان كل الخير لهم، معترفين بالجميل ممتنين لمن صنعه، من أب أو أم أو كليهما، من أسرة كبيرة وعائلة قامت بتمهيد الطريق لهم، لكنهم يتفاجئون فور خروجهم من شرنقة طفولتهم البريئة، بأنهم لا يستطيعون التعايش مع هذا الواقع الذي لا يشبههم.
يعتريهم الحزن أحيانًا، وقد يستعبدهم الصمت، يشتتهم الارتباك الآتي من خلف فوضى المشهد، يختطفهم من أنفسهم خوف مقترن بحالة من الخدر العاطفي الذي يزين لهم التخلي عن بعض ما تربوا عليه، يذهب كل منهم في طريق من شتات للبحث عن وسيلة حماية تناسبهم، تساعدهم على التكيف رغبة في نجاة وهربًا من صدام محقق مع ثوابت صنعتهم، يخشون الاصطدام بمواقف صعبة ربما التي تنتهي بتجارب سيئة تسؤهم وتدمرهم.
اقرأ أيضاً
وفاء أنور تكتب: حقوق المرأة بين الواقع والمأمول
وفاء أنور تكتب: هى وأنا.. ورسالة إليكم
وفاء أنور تكتب: الحياة ورصيد الابتسامات
وفاء أنور تكتب: عقلية علمية معملية فذة
وفاء أنور تكتب.. امرأة مثيرة للجدل
وفاء أنور تكتب.. من أجل فوزي
وفاء أنور تكتب: احذرهم أينما كانوا
وفاء أنور تكتب.. العلاقات الاجتماعية بين المد والجزر
وفاء أنور تكتب.. حياتِك.. وميلاد آخر لذاتِك
وفاء أنور تكتب.. الباز أفندي.. أعور بلد العميان
وفاء أنور تكتب.. مفهوم الكرامة وتقدير الذات
وفاء أنور تكتب: هذا قدرك
لنكن على قناعة بأن التربية السليمة لها عوامل نجاح ذات أثر إيجابي، كل ما علينا فعله هو التركيز على قيمنا الدينية والحديث عنها أكثر بكثير من ذي قبل، نغدق على أبنائنا من عبارت تلهمهم الصبر، تخفف عنهم ما يمرون به من اختبارت حياتية وفتن تتكاثر بحجم الكون، نخبرهم بأن الحياة الدنيا مصيرها إلى زوال وبأن الجنة هى المأوى الحقيقي والأبدي لمن أخلص عبادته لربه وصدق قوله بالعمل الصالح، نعلمهم أن الحماية آتية إلينا من لدن إله قادر على كل شيء.
للتربية السليمة معايير عديدة، بداية من ضرورة احترام شخصية الطفل، وتقديم الدعم له والثناء عليه إن أحرز تقدمًا حتى لو كان بنسبة بسيطة، ولايقصد هنا بالتقدم أنه التقدم في مجال الدراسة وحسب، بل التقدم في جميع المجالات والمهارات الحياتية الأخرى، مع ضرورة توجيه رسائل محددة للطفل وإعطائه الفرصة الكاملة للتعبير عن نفسه على قدر سنه، وتعليمه أن الإخفاق لا يعني نهاية العالم، وتعريفه أن الإخفاقات السابقة لا تعني الفشل، بل هى تحديًا يحفزهم على ضرورة تكرار المحاولة، والنجاح فيها بتخطي العقبات التي نجمت عن التجارب السابقة.